السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تفاصيل مثيرة من حياته..د.الزهار : "كذّبتُ" عرفات وجهاً لوجه· أخذتُ من أمي المصرية "قوة الشخصية"..ومن أبي "الاعتماد على الذات"
· في مطلع شبابي عشتُ حياتي كأبناء "جيلي".. ومقاومتي بدأت عبر "المهنة"
· لم أكن يوماً "يسارياً".. وهناك من ظن بي أني "ذراعُ" للسلطة
· لست فظّاً مع الصحفيين.. ولكن عندما يتعمد أحدهم الإساءة فأنا "أقرص أذنه"
· أنا رجل "مواقف" لا "علاقات عامة"..و"كذّبتُ" عرفات أمام الملأ
· أول ظهورٍ لي كان في "التلفزيون الإسرائيلي"..ولا أقبل وصفي بـ"دكتور إرهاب"
· شحادة والمقادمة كانا الأقرب.. والظروف الصعبة سرقت مني "الدعابة"
· "كيف لنا أن نؤذي (إسرائيل)؟!"... هذا ما أفكر به كل ليلة
· استغرب من البعض عندما يسألون أولادي عن شكل معاملتي لهم
· الكتابة عندي "عوالمُ" أطلّ منها لتتسع تأملاتي
غزة- فلسطين الآن- "رجل المواقف" لا "علاقات عامة" كما يصف نفسه ، "القيادي صعب المراس"كما يصنفه آخرون، "ذو شخصية" ينقسم حولها الناس ما بين محبين، وحاقدين لأسبابٍ تدور أغلبها حول أنه يتسم "بالصلافة" "والتشدد" وفق ما يعتقده أنصار هذا "الرأي"...إنه عضو القيادي السياسية لحركة حماس الدكتور محمود الزهار (ذو الخامسة والستين ربيعا) الذي يتصدر شهرةً عالية ومكانة خاصة في الأوساط الفلسطينية.
ما وراء سطور "شخصيةِ" الدكتور محمود الزهار في هذا الحوار الذي أجرته الإعلامية هديل عطا الله التي استضافته في "عيش وملح " إحدى زوايا صحيفة فلسطين اليومية، مخططةً في ذلك الوصول في "أقصر وقتٍ ممكن" إلى مكامن "الإنسان" و"السياسي" فيه على حدٍ سواء ، مبرزة أيضا أبرز المحطات والمواقف المهمة التي عايشها على مدار حياته النضالية.
ويتحدث الدكتور الزهار عن أبرز المواقف التي ساهمت في بناء شخصيته "القوية" حسبما نراه ونعرفه ، إلا أنه يبدد بعض الانطباعات التي رسخت لدى البعض خاصة "الإعلاميين " الذين يصفونه بأنه "يكون" فظاً" معهم ، ليكشف عن شخصية القائد السياسي في حماس والإنسان "الأب والزوج".
يتكلم عن طفولته و"كيف ربت" وعن "شبابه وكيف ترعرع" وعن مهنته "كطبيب" حيث بدأ "العمل الطبي المقاوم" ثم يتحدث عن شعاره "لا يخشى في الله لومة لائم" الذي رفعه لنفسه وجعله قاعدة يسير عليها وترجمه في حياته
ثم ينتقل الزهار ويفند ما أشيع عنه من أن له ميول "يسارية" نافية ذلك بدليل أنه كان مؤذناً حتى عام 1958 في مسجد الرحمة في الإسماعيلية، ثم يتحدث عن أول لقاء إعلامي على "قناة إسرائيلية".
ولم ينسى عضو القيادة السياسية أن يسرد تجربته القاسية في سجون سلطة أوسلو التي أذاقته أصناف العذاب ، ثم يمضى يتحدث عن الزهار " الأب والزوج والحمو "
إليكم الحوار الكامل
النصف المصري
· أهم مفصل بحياته لعلني اعتبر عام 1958م مفصليُ في حياتي، ذلك أننا غادرنا غزة في عام 1947م وسافرنا إلى مصر، وعِشنا بها، وفي عام 1958 سُدّت وسائل العمل في وجه والدي وأخي الكبير حسن، فاضطرا إلى السفر للسعودية كي يبحثا عن مصدر رزق تحديداً في مهنة "الميكانيكا"، ولكنهما لم يجدا نتيجة الكساد في تلك الفترة، فكان القرار المهم بتشجيعٍ من الوالدة بأن ننتقل من الإسماعيلية إلى غزة حيث يوجد لنا بيت في حي الزيتون، وبالفعل انتقلنا للعيش هنا، فكانت هذه "نقطة التحول" بالنسبة لي، إذ التحقتُ بالمدرسة ليبدأَ مشوار حياتي".
·
علاقة تربطه بمصر الأمر لا يتعلق بأمي وحدها، فقد وُلدتُ هنا في غزة، ولكن عندما بدأَ وعيّ يتفتح كنتُ مَوجوداً في مصر في الإسماعيلية والتي تُعد من أجمل مدن العالم في نظري، من حيث توفر المياه والخضرة وسُكانها المعطاءون، كما أني عندما أنهيتُ مرحلة الثانوية العامة، عدتُ إلى القاهرة لدراسة الطب في جامعة "عين شمس" من عام 1965م إلى عام 1972م، كما مكثتُ لفترةٍ من عام 74 إلى 76، أي أن هناك "عِشرة عمرٍ" ليست بالقليلة، علاوةً على ذلك أن أساتذتنا الذين درّسونا في غزة هم مصريون، وسواء درستُ في القاهرة أو لم أدرس، فالأمر في النهاية ليس شخصياً، بقدر ما هو ارتباطُ عضوي، كما أن العامل الجغرافي يلعب دوره، ناهيك عن أن من مصلحتنا الحقيقية أن تبقى مصر مفتوحةً لنا".
"
الزهار" الصغير
· وفيا لوالديه " بالنسبة لأبي فقد كان يتيماً ووحيداً لا إخوة له، مما جعل نشأته تتسم بالاعتماد على الذات، أما أمي فقد كانت شخصيتها قوية ومرحة في ذات الوقت، وهكذا انتقلت الصفات السابقة لأخوتي ولي على وجه الخصوص".
·
علاقة مميزة بوالدته .يصف طبيعة هذه العلاقة في مرحلة "التأسيس" بقوله:"والدي كان يرى أني أبذل مجهوداً غير عادي في دراستي، التي لم تخلو من مشاركتي في أنشطةٍ أخرى، وتمثّل ذلك في لُعبي لكرةِ القدم إذ لطالما سجلّتُ أهدافاً قوية من وسط ملعب اليرموك، كنتُ كغيري من أبناء جيلي أذاكر على "لمبة الغاز"، وأحافظُ على ما يوفره والدي بصعوبة من ملابسٍ وكتب مجتهداً في ذلك ألا أخيّب أمله".
·
موهبة الكتابة يشير إلى ذلك:"في فترة "المراهقة" كنت أقرأ كل ما يقع تحت يدي لـ "فيكتور هوجو" و"ديستفوسكي" ولـ"أغاثا كريستي"، وأذكر أني في عام 1963 وأنا لا زلتُ في "المرحلة الثانوية" كتبتُ قصة "شمعة لم تنطفئ" التي تدور أحداثها عن عز الدين القسام، ذلك أنني على وشك نشرها بعد تطويرها لتصبح قصةً تاريخية".
كانت بلا شك ثمار الاجتهاد التي حصل عليها "التلميذ الصغير" مدعاةً للفخر، وقد توجّ ذلك بإحرازه في المرحلةِ الإعدادية على المركز الأول على مستوى قطاعِ غزة، وفي مرحلة الثانوية تفوق والتحق بكليةِ الطب ليبدأ مرحلةً جديدة في حياته عام 1965م، إذ تولى أخيه حسن مهمة الإنفاق على تكاليفه الدراسية إبان انقطاع الطلبة عن أهاليهم في غزة، وهكذا مضت السنوات سريعاً، ليتخرج من جامعة عين شمس بتقدير "جيد جداً الذي لم يكن الحصول عليه بالأمر اليسير.
العمل الطبي المقاومعلى الرغم من انشغال "الطبيب الشاب" آنذاك بخدمة أهل بلده، إلا أن ذلك لم يلغي انخراطه في "العمل الوطني" ولكن "على طريقته"، هذا النوع من "العمل" الذي بدت بوادر الاستعداد له عندما بدأ يكتب وهو لا يزال شبلاً عن "المقاومة"، وعن "الرجال الأبطال".
·
مقاومة الاحتلال بالرداء الأبيض بأسلوبٍ يشي بإصراره على الهدف الذي يحدده واصل الحديث:"من بين ما كافحتُ لإنجازه واعتبرته "عملاً مقاوماً" هو إنشاء كلية التمريض، ففي عام 1972م كنتُ أدرّس في مدرسة التمريض التابعة للحكومة التي رأيتُ بأنه يتم تسييسها لتصبح خادمةً للاحتلال، فكان لا بدّ من إيجاد مؤسسةٍ بديلة عنها، لتتمخض عنها فيما بعد كلية التمريض التي حاربتها (إسرائيل) عبر مطاردتي أنا والدكتور عبد العزيز الرنتيسي- رحمه الله- عندما كانت تلاحقننا وتمنعنا من دخول الجامعة، وعندما أجبرت مجلس الأمناء في عمّان أن يغلق الكلية عام 1985 إلا أني لم استسلم وعاودتُ فتحها كقسمٍ من ضمن أقسام كلية العلوم".
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل واجه الاحتلال أيضاً فيما عُرف بانتفاضة الجمعية الطبية عام 1981م التي كان يُديرها وقتئذ، إضافةً إلى عمله على دعم الأطباء العاطلين عن العمل بأموال من الخارج لتثبيت صمودهم، كل ما سبق وغيره ساعد على ظهور شخصيات مقاومة للاحتلال في المجال المهني، مما انعكس على معرفة الناس بأسمائهم وعلى رأسهم "ضيفنا" والدكتور الرنتيسي و ابراهيم المقادمة وإبراهيم اليازروي".
·
لقاءات "السلطان الجائر"يمضي في سرده لـ "حكاية المسير":"فُصلتُ بسبب العمل الطبي المقاوم عام 1982 كاختصاصي رغم ندرة المختصين، وبفضل الله لم يلقَ "نشاطي" وما ترتب عليه أي تذمرٍ من أسرتي، بل افتخروا بأن الجزء المهم من الانتماء للوطن يتم في هذه الصورة المشرفة".
ويؤكد الزهار أنه طرح الموقف الفلسطيني بجرأة في لقاءاته بقادة اسرائيليين اُستدعي لمقابلتهم، مما يثير تساؤلاً عن فحوى تلك اللقاءات.
باختصار:"بعد أن أصبح اسمي معروفاً في المجال الطبي بدخولي على "خط السياسة" بمجموعة الأنشطة التي ذكرتها والتي من أبرزها إضراب الجمعية الطبية التي كنتُ أرأسها، في مطلع الثمانينيات، ففي ذلك الوقت أصبح ( إسرائيل) مُمثلةً في "الإدارة المدنية" تلتقي بكل رؤساء المؤسسات والنقابات ومن بينهم أنا، ساعيةً إلى اللعب على وتر الخلاف بين حركتي فتح وحماس،
فكانت أول لعبة لهم في مارس 1988 بعد اندلاع الانتفاضة الأولى، عندما التقى شمعون بيرس وزير الخارجية آنذاك بالحاج رشاد الشوا، ومن بعده التقاني وعرض علي المبادرة المعروفة "الانسحاب الكامل من غزة" ويومها خاطبني:"قل ولا تخف"، فقلتُ له:"أنا مُلزم شرعاً ألا أخف، لأن الرسول يقول:"أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر، وبما أنك سلطان جائر احتليتَ وقتلتَ وأبعَدت فأنا مُلزم بعدم الخوف منك".
أما المرة الثانية التي التقى فيها بيرس يفيد أن ذلك كان بحضور الفصائل الفلسطينية في عام 1989، عندما قدم طرف من فتح مبادرة أسماها "مبادرة النقاط العشرة" التي استخدمت فيما بعد في مدريد وأوسلو، ويومها أبدى الزهار رفضاً تاماً مُتفقاً في ذلك مع ممثلي فصائل كانوا حاضرين.
"إسلاميُ" من "يوم يومَه"·
ثمة "أقاويلُ" تناقلت أن "أبي خالد" كانت له ميولاً يسارية، ولكنه نفى ذلك نفياً جازماً ليشدد أن الميول الإسلامية نمت لديه منذ البداية:"لم أكن ذات يوم "يسارياً" حتى في مطلع شبابي، بدليل أني بقيتُ حتى عام 1958 أؤذن في مسجد الرحمة في الاسماعيلية، ربما البعض يظن هذا الاعتقاد انطلاقاً من أنني عندما رجعتُ لغزة عام 1972م، ونظرتُ لواقع الأطباء وجدتُ ضرورة تدريب المجتمع الفلسطيني على "الإسعاف الأولي"، لذا سعيتُ إلى عقد دورات في الجامعة الإسلامية وللأسف لم توافق، ليتكرر موقف الرفض مع وكالة الغوث، بينما الدكتور حيدر عبد الشافي تبنّى عبر الهلال الأحمر الفكرة، ووقتها أعددنا كتاباً بمشاركة مجموعة من الأطباء وأخذنا نعقد الدورات المطلوبة، وبناءاً على ذلك فالأمر كله تم من قبيل أن "الهلال" كان هو المؤسسة الوحيدة التي وافقت على ذلك، ولكن لم يخطر ببالي مطلقاً أن أكون يسارياً، إلا أن البعض عندما لمسوا علاقتي بـ"عبد الشافي" اعتقدوا أني فتحاوي"، لافتاً أنه واجه مشكلةً في حقبة التسعينيات صبت في ذات الاتجاه، حيث خرجت تصريحات من "متحدثين" بإسم الخارج تتهمه بأنه ذراعُ للسلطة، وبوقُ تم اختراقه من حركة فتح!.
للمتابعة اضغطhttp://paltimes.net/arabic/interviews.php?interview_id=201