الأسير المحرر محمد جبارين من أم الفحم يروي مذكراته من داخل السجون الصهيونية

الأسير المحرر محمد جبارين من أم الفحم يروي مذكراته من داخل السجون الصهيونية

[ 14/11/2011 - 04:09 م ]

لم يكن قد يتجاوز الـ 23 سنة من عمره، عندما عاش 23 سنة أخرى في زنازين الظلم والقهر، ليتحرر وقد أصبح عمره 46 سنة، ما يقارب ربع قرن من الزمان وهو خلف القضبان يكافح الواقع المرير الذي يعيشه الأسرى وينتظرون بفارغ الصبر الإفراج عنهم، هو الأسير المحرر محمد أحمد جبارين "أبو الأدهم"، من ذوي الأحكام العالية الذين لا أمل في الإفراج عنهم إلا عبر صفقات التبادل ، وكانت كل صفقة هي بمثابة بصيص أمل للحرية، حتى أتى اليوم المنشود ليعانق الحرية ويعود إلى زوجته التي لم تعش معه إلا أربع سنوات قبل الاعتقال، وليحضن ابنته وابنه اللذين تركهما صغيرين ليصبحا في ريعان الشباب.

كانت مدينة أم الفحم الشهر الماضي على موعد مع استقبال ابنها الأسير الذي أدرج اسمه ضمن صفقة "وفاء الأحرار" لتستقبله جماهير حاشدة على مدخل المدينة مرحبين بابن بلدهم أبي الأدهم الذي عاد إلى أحضان بلده بعد غياب عقدين ونيّف عنها، في عام 1988 اعتقل أبو الأدهم بتهمة قتل عميل والانتماء لتنظيم حركة "فتح" وتهم أمنية أخرى متعددة، وكأي معتقل قوبل أبو الادهم بأصناف من التحقيقات وظروف الاعتقال الصعبة والضغوط النفسية.

ووصف حياة السجن بالواقع المرير فقال: "كنت في البداية أظن السجن غرفة عادية كأي غرفة ، لكنّي عندما دخلت السجن وجدته عالما آخر، له نظام وأعراف خاصة، واحتجت عدة شهور حتى تأقلمت مع هذا الوضع واعتدت على البعد عن أهلي وعائلتي وحرّيتي". وتابع : "وجدت السجن يحتوي مدارس وجامعات، فالأسرى يستثمرون أوقاتهم بالعلم والتعلم سواء بحفظ القرآن وتعلم أحكامه، والدراسة في الجامعات أو في دراسات فردية تثقيفية".

وتحدث جبارين عن الإضرابات التي ينفذها الأسرى كأحد أساليب المقاومة لتحسين ظروف الاعتقال وتلبية مطالب الأسرى، حيث شارك في خمسة إضرابات عن الطعام أطولها إضراب 45 يوما مؤكدا أن الإضراب فيه معاناة كبيرة استشهد من خلاله عشرات الأسرى لتحصيل أمور مثل التلفاز أو الغطاء أو المروحة الهوائية ، والاتصال مع الأهل وتحسين الزيارات إلى الدرجة الثانية"، ولفت جبارين إلى أن سياسة السجن تتغير كلما تغيرت سياسة الحكومة، حيث قال: "قبل فترة نتنياهو كنا نشاهد في التلفاز 16 محطة، إلا أنهم أبقوا لنا فقط 10 محطات، إضافة إلى منع بعض الصحف العربية والكتب عن الأسرى".

وتحدث محمد جبارين عن حياته داخل السجن مشيرا إلى أنه نال خبرة كبيرة في مجالات متنوعة من خلال تعلم الكتابة والقراءة وتثقيف ذاته في التاريخ والسياسة وأمور الدين ،إضافة إلى العنصر الأهم لكل أسير، وهو الصبر عند البلاء والمحنة، وكان الأسير جبارين قد التقى خلال فترة اعتقاله العديد من الشخصيات والقيادات الفلسطينية البارزة مثل الدكتور الشهيد عبد العزيز الرنتيسي ومصطفى شحادة ، وحسن أبو شنب، وأحمد عطون ومصعب أبو طير وسفيان أبو زايدة وهشام عبد الرزاق ومروان البرغوثي وهم من مختلف الفصائل الذين تتلمذ على أيديهم واستفاد منهم.

ونقل جبارين رسالة من الأسرى القابعين خلف القضبان بأن تبقى قضيتهم في سلم أولوليات القضية الفلسطينية والسعي للإفراج عنهم بأية وسيلة كانت، حيث قال: "فرحتي في معانقتي للحرية ستبقى ممزوجة بالألم، ولن أشعر بطعم الفرحة حتى يتحرر كافة الأسرى وأخص بالذكر رفيق دربي وابن عمي محمود جبارين "أبو حلمي" الذي اعتقل معي في ذات القضية والذي تمنّيت له الإفراج بدلا مني، ولو أفرج عنه مكاني لقال ذات الجملة لأنه شجاع وصامد ومناضل".

أما اللحظات الأخيرة قبيل الإفراج، فقد وصفها جبارين بأنها لحظات عصيبة ، فمن جهة الجميع يترقبون هذه اللحظة، ومن جهة أخرى كوني عشت 23 سنة داخل السجن كنت متخوفا كثيرا أن تحدث أية معيقات وتفشل هذه الصفقة بعد كل الآمال التي عشناها من أجلها".

لم يستطع أبو الأدهم التعبير عن شعوره لدى احتضان عائلته بعد سنين طوال قضاها في غياهيب السجون، لا سيما عند احتضان ابنته آلاء التي تربّت بعيدا عنه وأصبحت تبلغ من العمر 21 سنة دون أن تحضن أباها طيلة هذه الفترة، شاكرا جميع أهالي أم الفحم الذين استقبلوه استقبالا حافلا.

وتقدّم أبو الأدهم بجزيل شكره إلى مؤسسة يوسف الصديق وجمعية أنصار السجين، خاصا بالذكر مدير مؤسسة يوسف الصديق فراس عمري مؤكدا أنهم لم يقصّروا في متابعتهم للأسرى من خلال توفير أطباء ومحامين ومتابعة ذوي الأسرى وعملهم الدءوب في قضية الأسرى التي هي الأساس للقضية الفلسطينية.

منوّها إلى ضرورة متابعة الأسرى المحررين بعد إطلاق سراحهم لإرشادهم من خلال أخصائيين في كيفية الانخراط مع المجتمع من جديد وخصوصا الذين أمضوا سنوات طويلة في السجون .

واختتم الأسير المحرر محمد جبارين حديثه قائلا: "ما دام هناك أسير صامد وصابر وما دام هناك فلسطيني يقاوم فإن الأمل كبير والحرية آتية، وصفقة التبادل مهما كانت تبقى محدودة ، وواجب شعبنا كله وقيادته أن يعملوا على تحرير كافة الأسرى مهما كان الثمن".
فلسطينيو48، 13/11/2011

مشكور
الحمد لله على سلامة الاسرى